هما لونان... فضاءان... خطّان متوازيان تحلّق بينهما "أصيلة" التّاريخ والثّقافة، لون يسحرك بزرقته المتشابكة مع سقف السّماء، وآخر أخضر يعيدك إلى فردوس البدايات، والجمال الأوّل والأخير، جمال الأرض والنبت والزّهر... فإذا كان البحر عاشق أصيلة الأوّل، وحبيبها المرابط على أعتاب شواطئ الشّوق، فإنّ حدائق الرّونق والرّوعة بأصيلة وشم غجريّ مرسوم على جسدها، وشامة تزّين جيدها، وغمّازة سحر تستوطن وجنتها.  

     وتزخر أصيلة بعدد كبير من الحدائق، حيث تشكّل هذه الأخيرة رئة المدينة ولوحتها الفنيّة المفتوحة أمام السّاكن والزّائر والسّائح والرّائح والغادي والماشي... كما تعكس رؤية تنمويّة مستدامة بمقوّمات بيئيّة وسياحيّة رائدة تنمّ عن رؤية تسييريّة ثقافيّة عبقريّة وحداثيّة.

ومن أهمّ هذه الحدائق، نلفي حديقة محمّد عزيز الحبابي المقابلة لمكتبة بندر بن سلطان، وحديقة محمّد عابد الجابري المعتنقة لفضاء ساحة محمّد الخامس، وجارتها حديقة أحمد عبد السلام البقالي، وحديقة تشيكايا أوتامسي الشّاهدة على عبق تاريخ باب القصبة، وحديقة بلند الحيدري، وحديقة محمود درويش، وحديقة عبد الكريم غلاب، وحديقة الطيّب صالح... وتقف كلّها فاتحة أدرعها للأطفال والنّساء والشّباب والرّجال والشّيوخ لتعلن عن أحد أعمدة صرح الثّقافة "الزّيلاشيّة"، والمتمثّلة في عشق الفضاءات الخضراء، والعناية بها، والحفاظ عليها، وقبل كلّ ذلك، تعلّمنا جميعا معنى الوفاء لأسماء خالدة في سماء الثّقافة المغربيّة والعربيّة والإفريقيّة والعالميّة.

   فهنيئا لأصيلة بحدائقها، وهنيئا لحدائق أصيلة بساكنتها ومسيّريها.

آخر المستجدات